
القوى الكونية الأربع ومقاديرها الدقيقة
نتابع في هذا المقال ما انقطع من حديثنا في المقال السابق عن الدقة المذهلة والضبط المدهش للقوى الفيزيائية الأربع التي تتحكم بكافة أجرام الكون، من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة، فنقول وبالله التوفيق:
من كل بستان علمي باقة
من كل بستان علمي باقة

نتابع في هذا المقال ما انقطع من حديثنا في المقال السابق عن الدقة المذهلة والضبط المدهش للقوى الفيزيائية الأربع التي تتحكم بكافة أجرام الكون، من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة، فنقول وبالله التوفيق:

نعيش فوق أديم الأرض وتحت رحاب السماء، ونمضي في حياتنا اليومية تجرفنا شؤوننا العاجلة التي لا تنتهي، ولا نكاد نلقي بالاً إلى ما يحيط بنا من عجائب وظروف وأحوال مُسَخَّرة لنا في كل لحظة وحين، ولولاها لما استطعنا أن نعيش في هذ الكون العظيم، بل لما وُجِدْنا فيه أصلاً.
ومن هذه العجائب، قوى أربع تؤثر في كل ذرة من ذرات هذا الكون، بما فيها ذرات أجسامنا،

أتى على الناس حين من الدهر، كانوا يظنون أن الأرض هي مركز الكون والشمس تدور حولها، ومع تقدم الزمن وتقدم العلم، وتقدم وسائل العلماء في البحث والكشف، اكتشف العلماء أن الأرض ليست مركز الكون، وأنها ليست إلا كوكبا في مجموعة من الكواكب تدور حول الشمس.

وما أدراك ما الكون، يمتد في السعة والكبر إلى ما لا تدركه عقولنا، وفي الصغر والدقة إلى ما لا تستوعبه أذهاننا، وسنذهب بقارئنا العزيز في رحلة خاطفة عبر الكون الفسيح، لتكون تمهيدا لرحلة لاحقة في الكون الدقيق، ونعني بهذا الأخير عالم الذرة.
يجلس أحدنا في مقعده ساكنا هادئا، ولا يدري أنه في مجلسه يتحرك بسرعة خارقة، يصعب على عقله تصورها، وليس ذلك خيالا ولا تهويلاً، بل هي حركات متراكبة لا حركة مفردة، أولها حركتنا مع دوران الأرض حول نفسها، بسرعة تبلغ 1650 كيلومترا في الساعة، فدورة الأرض مسافتها أربعون ألف كيلومتر، تقطعها في 24 ساعة.

لو سألت أحد عشاق الكرة أن يصف لك أجمل هدف شاهده، فمن المحتمل أن يقول لك: هو ذاك الذي أحرزه مارادونا في مرمى إنجلترا، حين استلم الكرة من منتصف الملعب، فاخترق بها خطوط الإنجليز كلها، يروغ من هذا، ويخادع ذاك، ويرسل الثالث يميناً والرابع يساراً، ثم يتلاعب بحارس المرمى فيلقيه أرضاً ويضع الكرة في شباكه بسهولة ويسر.
سيروي لك صاحبك ذلك وكأنه يراه، ولكن مهلا، هل معنى هذا أن الدماغ يحفظ كل ما تقع عليه الحواس؟
الجواب: نعم، ثم لا.

رغم أننا نعيش في عصر العلم والتقدم العلمي، عصر التجربة والبرهان، غير أن المرء لا يمكنه إلا أن يعجب من ظاهرة غريبة، تتناقض تماماً مع روح العصر وطبيعته، والغرابة فيها أنها لا تنتشر بين الجهلة أو العوام، بل بين كثير من العلماء ومن المثقفين.
تلك الظاهرة هي التسليم بنظرية دارون، واعتبارها حقيقة ثابتة، وتفسير الكثير من الظواهر الطبيعية والحيوية على اساسها في المجلات والرسائل العلمية والمناهج الدراسية.