السلف المشترك بين الحقيقة والخرافة

إن من أكثر المصطلحات تكراراً عند التطوريين، في كتبهم وأبحاثهم ومقالاتهم وأفلامهم، مصطلح السلف المشترك، (وأشهر الأمثلة قولهم: الشمبانزي والإنسان ينحدران من سلف مشترك).
ورغم ذلك فلن يستطيع أي تطوري أن يحدد أي سلف مشترك لأي كائنين، أي لن يقول لك: إن المخلوق (ج) هو السلف المشترك للمخلوقين (أ)  و (ب)، وضع مكان (أ) و (ب) و (ج) ما شئت من المخلوقات،  فهو حقاً مصطلح وهمي لا وجود له إلا في خيالهم.

السلف المشترك للإنسان والشمبانزي:

وأشهر حكايات السلف المشترك، حكاية الإنسان والشمبانزي، وأقول حكاية لأنها فعلا حكاية، وحكاية خرافية، لا علاقة لها بالعلم.
سنجد في أي مرجع تطوري يتحدث عن الإنسان، كلاماً عن التشابه التشريحي، والتشابه الجيني، بين الإنسان والشمبانزي، سيقولون لك: إن هناك تشابها يصل إلى حوالي 99% بين جينات الإنسان والشمبانزي، وإن هناك تشابها في الوظائف الحيوية، وفي عدد الأصابع، وفي شكل الهيكل العظمي بشكل عام، وفي شكل الجمجمة بشكل خاص، وفي الشكل التشريحي العام، وفي.. وفي… وفي… فلا بد إذن أن يكون لهما سلف مشترك.
حسناً.. اسألهم إذن: ما هو السلف المشترك للإنسان والشمبانزي؟ ما اسمه؟ ما هو شكله؟ أين أحفورته؟ هل انقرض أم ما زال حياً؟ ولماذا يوجد أحافير لكائنات انقرضت منذ مئات الملايين من السنين، ولا يوجد أحفورة واحدة، واحدة فقط، للسلف المشترك المزعوم بين الإنسان والشمبانزي، والذي تفترضون أنه كان موجوداً قبل بضع ملايين من السنين على الأكثر؟  

وسؤال آخر: لماذا دأب التطوريون على تلفيق الأدلة المتعلقة بما يزعمون أنه تطور الإنسان؟ لو كان عندهم دليل واحد مقنع وعلمي لما اضطروا لذلك، هل سمعتم بأن عالما في الفيزياء أو الكيمياء أو أي فرع علمي آخر، قام بتلفيق أدلة على نظرياته؟

لن تجد جوابا على هذه الاسئلة عند أي تطوري. 

هل كانت الحيتان تمشي على الآرض؟
لو سألت أي تطوري عن أقوى الأدلة الأحفورية على حصول التطور لقال لك بلا تردد (تطور الحيتان)، فالحيتان بزعم التطوريين أصلها حيوانات برية، اضطرت للنزول إلى الماء، فتطورت مع الزمن وأصبحت حيتاناً، فلو سألتهم: ما هو الحيوان البري المزعوم الذي تطورت منه الحيتان؟ أفتونا بعلم إن كنتم صادقين، فستحصل منهم على خمس إجابات متناقضة:
1-العلماء في آكاديمية العلوم في كاليفورنيا، يقولون إن الحوت تطور من فصيلة الذئاب يشبه الضبع. 2-وعلماء متحف التاريخ الطبيعي في جامعة ميتشيغان يقولون إنه تطور من حيوان من فصيلة السنوريات يشبه القطط.
3-أما علماء البيولوجيا في اليابان فيصرون على أنه تطور من فرس النهر بحجة بعض التشابه في الحمض النووي بينه وبين الحوت، رغم أن فرس النهر حيوان آكل للنبات وأسنانه مختلفة عن أسنان الحوت، بخلاف الحيوانات المذكورة أعلاه، فهي آكلة للحوم مثل الحوت وأسنانها شبيهة بأسنان الحوت,
4- ولو سألنا علماء التطور في متحف ملبورون في اوستراليا عن أصل الحوت، لقالوا إنه تطور من حيوان ثدي من فصيلة الأيائل يشبه الغزال.
5-وهناك من العلماء من يقول إن الحيتان أصلها حيوانات ذات أظلاف، مثل البقر وخنازير، حتى إن مجلة (ساينس) الأمريكية الشهيرة قد نشرت رسماً كاريكاتورياً عام 2001 يظهر فيه دولفين يخرج رأسه من الماء ويقول لبقرة على البر( نحن أبناء عم إذن!).

وكل هذه الإجابات هي تخمينات وفرضيات لا دليل علمي عليها إطلاقاً، وإن سألتهم عن الدليل، وقلت لهم: حسناً: دعونا من هذا الخلاف على أصل الحيتان، وقولوا لنا: ما هو المسار التطوري للحيتان؟ ما هي الكائنات التي تفصل بين الحيوان البري الذي تطورت منه، وبين الحوت الأزرق الذي يمخر البحار اليوم، ووزنه 150 طن، وطوله 30 متر؟  وما هو السلف المباشر لهذا الكائن الضخم؟ أي ما هو الكائن الذي سبقه في شجرة التطور؟ وما هو السلف المشترك بينه وبين الدولفين، وكلاهما حيوان بحري ثديي، تزعمون أن لهما سلفاً مشتركاً؟

سيلقون إليك بهذا الرسم ثم ينظرون نظرة المنتصر وكأنهم قد ألقوا إليك الدليل العلمي القاطع، وهو رسم ستجده، وستجد الكثير من أشباهه لو شئت، في النتائج الأولى عندما تبحث في غوغل عن (تطور الحيتان) بالعربية، أو (Whale evolutıon) بالإنكليزية أو بأية لغة أخرى، وهو مجرد رسم لا قيمة له للأسباب التالية:

  • لم يعثر على أي أحفورة كاملة لأي كائن يظهر في الشكل، كل الموجود هو جماجم فقط، وربما كان هناك بعض عظام متفرقة أخرى لبعض الأحافير الظاهرة.
  • الكائنات الموجودة في الرسم تعود إلى مواقع متباعدة، بعضها في الصين، وبعضها في باكستان، بعضها في أفريقيا.
  • جميع الكائنات الانتقالية بين الأحافير الظاهرة في الشكل غير موجودة، يجد القارئ العزيز أدناه الشكل نفسه وقد وضعنا دوائر حمراء عند الحلقات المفقودة.
  • الرسم فيه احتيال كبير على من يشاهده من ناحية أحجام الكائنات الظاهرة، فمثلاً، فجميعها مرسومة بأحجام متشابهة تقريباً، وأوضح الأمثلة، أن فرس البحر الظاهر في أعلى الصورة لا يزيد وزنه عن بضع مئات من الكيلوغرامات، ووون الجوت الذي يظهر في الأسفل هو أكثر من مئة طن.

إذا كان هذا المسار التطوري للحوت، هو عندهم  من أقوى الأدلة على التطور، وعلى وجود سلف مشترك لبعض الكائنات الحية، تطورت منه، فما بالكم بأدلتهم على تطور بقية الكائنات؟

السلف المشترك للثديات

ماهو السلف المشترك للثديات؟

وهل حقا لهم سلف مشترك؟ هذا ما يزعمه التطوريون، يقولون إن جميع الثديات تنحدر من سلف مشترك،  رغم الاختلاف الكبير بينها هذين النوعين، فإن الرسم أدناه ستجده في معظم مراجع التطوريين، يأتون بجناح طير خفاش، وزعنفة حوت، ورجل قط، ويد إنسان، ويقولون: انظروا إلى التشابه التشريحي بين هذه المخلوقات، كلها لها العدد نفسه من الأصابع والمفاصل، وتوضع أصابعها ومفاصلها متشابه، وبينها تشابه تشريحي وجيني، فهي إذن منحدرة من سلف مشترك.
حسناً، ما هو هذا السلف المشترك؟ عرفوه لنا، دلونا عليه، سموه لنا، أرونا أحفورته، أرونا المسار التطوري بين أي كائن موجود في هذا الرسم، وبين السلف المشترك المزعوم؟ فما هو جوابهم؟ سيقولون لك: التطور هو الذي يفسر التشابه بين هذه الأرجل!!

يقولون التشابه يدل على التطور، ثم يقولون التطور يفسر التشابه!!

السلف المشترك للطيور

يعيش معنا على هذا الكوكب، حسب تقدير دراسة نشرها موقع (ناشيونال جيوغرافيك)، ما لا يقل عن خمسين مليار طائر، وهذه الطيور تنقسم حسب أحدث الدراسات إلى ما لا يقل عن أحد عشر ألف نوع، منها الصغير كطائر الطنان، الذي لا يزيد طوله عن خمس سنتيمترات، ووزنه عن بضع غرامات، ومنها الطيور الضخمة، كطائر النعام، الذي قد يصل ارتفاعه عن الأرض إلى مترين ونصف المتر، ووزنه 1500 كيلو غرام، ومن الطيور الأليف صاحب الصوت الجميل كالشحرور، ومنها الجارح المفترس كالنسر والصقر والعقاب، منها من يعيش في أعالي الجبال، ومنها ما يعيش في البحيرات وعلى سواحل البحار، معظمها يطير بنظام طيران لا يضاهيه، بل لا يقترب منه نظام طيران أي طائرة صنعها الإنسان، ومنها ما لا يستطيع الطيران كالدواجن واللقالق والطواويس، وهذه الطيور كلها على تنوعها الشديد، والفروق الكبيرة بينها، يزعم التطوريون أن لها سلفاً مشتركاً، وأنها جميعا تطورت من الديناصورات.

وبعد

هذه أمثلة فقط للتوضيح، وإلا فإن الأمثلة بعدد الكائنات الحية، فأين الأسلاف المشتركة؟ إن مصطلح (السلف المشترك Common ancestor)، هو واحد من أكثر المصطلحات وروداً في أدبيات التطوريين، ولكن إن سألتهم أن يذكروا سلفاً مشتركاً لأي كائنين، أو طلبت منهم الدليل العلمي على وجود سلف مشترك لأي كائنين، لن يجدوا جواباً.

وفي ختام هذا الفصل، نتحدى كل من يؤمن بنظرية التطور الدارونية، بكل فروعها ونسخها، القديمة والحديثة، العشوائية والموجهة، أن يثبت عكس العبارة التالية:

“لا يوجد أحفورة واحدة لأي سلف مباشر لأي كائن حي يعيش اليوم على سطح الأرض.”

__________________________________________

الكاتب: فداء ياسر الجندي